بمساهمة فاعلة من مؤسسة الأنوار للثقافة والتنمية أقيم في محافظة النجف الاشرف المؤتمر الدولي للطب لمنظمة الأمامية العالمية وذلك في (5ـ7/2012) وبالتعاون مع كلية الطب ووزارة الصحة وبمشاركة عدد كبير من الباحثين والمختصين من جميع أنحاء العالم حيث كان لمؤسسة الأنوار النجفية الدور الواضح والكبير في استقطاب هذه الفعالية الدولية التي شارك فيها عدد من الباحثين من أكثر خمسة عشر دولة لإقامة المؤتمر الدولي الخامس. المؤتمر حضره عدد من الكفاءات العلمية الأخرى من داخل البلاد للاستفادة من تبادل الخبرات وآخر ما توصل إليه التطور في الطب الحديث، وكذلك عدد من المسؤولين والإعلاميين وقد عده الكثير من أكبر التظاهرات العلمية التي شهدها العراق في مجال الطب الحديث. هذا وقد طرحت عدة بحوث وعلى مدى ثلاثة أيام وعلى شكل عدة جلسات بحثية ونقاشية، ناقش فيها المؤتمرون العديد من القضايا العلمية التي تساهم في خدمة الإنسان العراقي ووصوله إلى أرقى المستويات في مجال الطب.
يذكر أن المؤتمر حضره المئات من الأساتذة والأطباء من مختلف أنحاء العالم ومن مختلف مراكز الأبحاث العلمية والجامعية في مجال الطب، قدم فيه الأطباء وعلى مدى ثلاثة أيام وبعدة قاعات وورش في جامعة الكوفة ومدينة الصدر الطبية أبحاثهم ونتاجهم العلمي، ليكون بين يدي الباحث والأستاذ والطبيب العراقي. هذا وتعد منظمة (IMI) من أكبر المنظمات الإنسانية العالمية التي عملت مع مؤسسة الأنوار النجفية لتقديم ما يمكن تقديمه في العراق ومنذ عدة أعوام، تركز نشاطها المشترك والذي رعته مؤسسة الأنوار النجفية وبتوجيه من مكتب سماحة المرجع (دام ظله) في عدة جوانب وفي مقدمتهاالطبي والعلمي والإنساني.
يذكر أن سماحة الشيخ علي النجفي مدير مكتب سماحة المرجع (دام ظله) والأمين العام للمؤسسة قد شارك المؤتمرين بإلقاء كلمة مكتب سماحة المرجع (دام ظله) وفيما يلي نصها:
كلمة مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الكبير الشيخ بشير حسين النجفي (دام ظله) إلى المؤتمر الطبي الخامس لمنظمة IMI والذي يقام بالتعاون مع وزارة الصحة العراقية وجامعة الكوفة/ كلية الطب ومؤسسة الأنوار النجفية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا الذي خلق الإنسان وعلمه البيان.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى آله السادة الغر الميامين، واللعنة على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين إلى يوم الدين.
قال الله سبحانه: ((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)) صَدَقَ اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.
لا يشك أحد في فضل العلم وكماله وأنه الذي يفيد الإنسان الحياة الكريمة وبه ترتفع الأمم وتسود وبفقده تستعبد الأمم وتستذل.
العلم هو عين الحياة ومنبعها، ولولا العلم لكان الإنسان أهون من البهائم، وإنما فضل البشر على الكائنات بفضل العقل الذي به يكتسب العلم. ونحن نشاهد اليوم كيف تقدمت شعوب على أخرى واستملكت بعضها البعض واستعبدت جملة منها جملة أخرى بفضل العلم.
وكانت الأمة الإسلامية سيدة الأمم في يوم من الأيام حينما كانت هي الأولى في العالم في كسب العلم والاعتناء به وبتفضيل العلم والعلماء على جميع مرافق الحياة. وحينما سبقتنا أمم أخرى في ميادين العلوم المختلفة والعلوم التكنولوجية بالعموم والطب بالخصوص أصبحنا في قبضة أولئك المتقدمين علينا بالعلم، وزاد الوضع سوءاً أنشاء قادة الدولة وساسة البلاد الإسلامية للأمور التي ضررها أكبر من نفعها وإهمالهم المتعمد وغير المتعمد في جانب العلم.
وهذه مصيبة ينبغي للعاقل أن يسكب الدموع عليها.
واجتماعكم هذا أيها السادة حملة الشهادات العليا في علم الطب يبعث على الأمل في عودة الأمة إلى أحضان العلم واهتمامها بما يجب الاهتمام به.
وينبغي أن نعلم أنه روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (العلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان). والحوزة العلمية في النجف الأشرف أم الحوزات في العالم وسيدتها على الإطلاق لأن روادها تستقي نمير العلم من فيض باب مدينة علم النبي (صلى الله عليه وآله). وهذه الحوزة مع باقي الحوزات في العالم أغنت الأمة من الجانب العلمي الديني.
وأما العلم الثاني وهو علم الأبدان فهو من نصيبكم أيها السادة الأعزاء وأنه كان ينبغي تفسير حديث النبي بكل علم يفتقر إليه البشر في كسب ما يفتقر إليه في حياته، فيعم جميع المصنوعات إلا أن علم الطب في مقدمة تلك العلوم، لأن الأطباء هم الذين شرفهم الله سبحانه لخدمة البشرية.. وكسب سعادة الصحة لها. ومعلوم أنه إذا فقدت الأجسام الصحة فقدت كافة المؤهلات التي يمكن أن يستفيد بها في دنياه وفي آخرته وقد قيل: (أن العقل السليم في الجسم السليم)، حقاً إن الصحة نعمة لا تضاهيها نعمة في الشرف والأهلية. فأنتم أيها السادة الأطباء قد توجتم بتاج هذا العلم وبإمكانكم كسب الآخرة والدنيا معاً. فإذا سعى طبيب في معالجة مريض وقصد بذلك كسب رضا الله سبحانه فقد حصل على الدين والدنيا معاً.
وملتقاكم العلمي في النجف الأشرف يصب في الجانب المهم في ميدان السعادة التي لا نحصل عليها إلا بالتعاون بين علمين علم الدين وعلم الطب فإنهما لا غنى لأي منهما عن الآخر، فهما معاً يتمكنان من إرساء قواعد الحياة السليمة للبشر. فالحوزة تسعى في علاج الروح، وأنتم تسعون في علاج الأبدان. فإذا سلمت الأبدان سلم العقل، وإذا سلم العقل سلم الدين، وإذا عولجت الروح من خلال علم الدين كسب الإنسان الكمال الذي قبض الله سبحانه له ليسود العالم كله.
آمل من الله سبحانه أن يتمكن مؤتمركم هذا من اتخاذ خطوات جادة في سبيل تشجيع الشباب من رواد علم الطب وحثهم على نيل المراتب العليا في هذا المجال لتستعيد الشعوب الإسلامية مكانتها السامية في هذا العالم، وتتخلص من سلاسل العبودية لغيرها. ((إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً)).
والسلام..