أشار سماحة الشيخ علي النجفي (زيد عزه) الأمين العام لمؤسسة الأنوار النجفية إلى أهمية ومكانة المرأة، ليؤكد أن الأديان السماوية وخصوصاً الرسالة الخاتمة، كانت قد أوكلت علاوة على الأنبياء والرسل والأولياء، نساء قد خلدهن التأريخ لطهرهن وقداستهن وقربهن من الباري (عز أسمه) ليكونن ناطقات عن الدين إلى النصف الآخر من المجتمع، وخير النساء مثال على ذلك، فاطمة الزهراء، والسيدة مريم العذراء (عليهن السلام)، فقد كانت الزهراء (ع) قد وقفت مع أبيها ومع زوجها لتكون نبراساً وصراطاً يخط للمرأة طريقها ودربها، جاء ذلك في المحفل الكبير الذي أقامته جامعة الإمام المهدي (عج) النموذجية للدراسات الدينية، هذا وألقى سماحته كلمة عن مكتب سماحة المرجع الديني الكبير الشيخ بشير حسين النجفي (دام ظله) فيما يلي نصها:
كلمة مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الكبير الشيخ بشير حسين النجفي (دام ظله) بمناسبة ولادة السيدة فاطمة الزهراء (ع)
20/جمادى الثاني/1432هـ المصادف 23/5/2011 م العدد: 842
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله، وعلى آله الغر الميامين، واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
قال الله سبحانه: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.
إن الله سبحانه كما حدد لنا معنى الإيمان مفهوماً وتشخيصاً وبين علائم المؤمنين لنتمكن من خلالها معرفة قيمتنا الإيمانية، ويتمكن كل واحد منا من معرفة واقعه وحدود إيمانه، والآية التي تلوناها تدخل في سياق هذه المعاني، كذلك بعث لنا نماذج لحملة الإيمان الواقعيين لنتمكن من خلال رؤيتهم ومشاهدتهم ومراقبة أعمالهم وتصرفاتهم وتعاملهم مع الله سبحانه عموماً وفي خلواتهم حين مناجاتهم معه سبحانه، وذلك لنتمكن من تمييزهم ومعرفة شؤونهم بينهم وبين العباد، كما جعل الله سبحانه لنا القادة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الأطهار (عليهم السلام)، كذلك خلق للصنف النسوي مثل مريم العذراء والزهراء (عليهن السلام)، لتهتدي بنات حواء من خلال معاينة سلوك أمثالهما الطاهرات الطيبات، فيتمكن من صياغة أنفسهن في قالب الإيمان، ويمكنهن المشي والرقي في ضوء الإيمان إلى مدارج التقوى الإلهية، وكانت بعثة الزهراء (عليها السلام) تتميماً للشريعة وإكمالاً للدين وتثبيتاً للحجة على الجميع، فأن الأحكام الشرعية، وإن كان بيانها كلها بمقدور النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الأطهار (عليهم السلام)، ولكن التجسيد العملي لها تنحصر منه ومن الأئمة في القسم المختص بالرجال منها، والقسم المشترك بين الصنفين، وأما القسم المختص بالنسوي منها فكان تجسيدها العملي من نصيب الزهراء (عليها السلام) فكانت الزهراء هي الوحيدة لتجسيد الأحكام المختصة بالنساء لأمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد تمكنت (سلام الله عليها) من رسم الأدوار الثلاثة التي تعيشها كل امرأة عادة دور البنت في بيت أبيها ودور الزوجة في رعاية زوجها، ودور الأم في مقام تربية أولادها، فجسدت (سلام الله عليها) دور البنت فكانت قدوة لبنات العالم حتى شهد لها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: (فاطمة بضعة مني)، (فاطمة روحي التي بين جنبي)، (فاطمة أم أبيها)، ولن تكن هذه التصريحات من النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) بدافع العاطفة فقط وإنما كانت باعتبار أن النبي كان حريصاً بشدة على نشر الشريعة وتطبيقها وكان للزهراء دور مهم في هذا الشأن فكانت (سلام الله عليها) منشأ طمأنينة نفس النبي فيما كان حريصاً عليه كما تدل الآيات الشريفة على ذلك فكان اهتمامه (صلى الله عليه وآله) بها يمثل اهتمامه بالشريعة الغراء.
فكانت زوجة صالحة مثالية بحيث ورد في الروايات، أن الله (سبحانه) كان قد حرّم على أمير المؤمنين (عليه السلام) الزواج بامرأة أخرى في حياة الزهراء (عليها السلام)، وكان دورها في الأمومة مشعل الهداية لكل أم في العالم، ويظهر جلياً أثر الأمومة الرائد في التربية، ليس للإمامين الحسنين (عليهما السلام) فقط، فإن الإمامة كفيلة لهما بل في تربية مثل زينب (عليها السلام) التي حيرت العقول وضعضعت عروش الظالمين، وجسدت الدين والكفاح والعفة والطهارة بأعلى وأسمى المعاني، فعلى بناة حواء التخلق بأخلاق الزهراء (عليها السلام) فأن المرأة نصف المجتمع، بل لعلها من حيث التربية تؤدي دور أكثر من النصف في إصلاح المجتمع. أرجو الله سبحانه أن يوفق الجميع بالاهتداء بهدي الطيبين الطاهرين، لنسعد بالزلفى لدى الله سبحانه وشفاعة المعصومين. والسلام.