إلى جوار مسجد الكوفة وفي الركن الجنوبي الشرقي يقع مرقد سفير الإمام الحسين عليه السلام الشهيد الأول للثورة الحسينية ومعركة الطف في كربلاء مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليه السلام إذ أرسله الإمام الحسين عليه السلام سنة (60) للهجرة إلى الكوفة وهو ابن عمّه سفيراً عنه لأهل العراق لشجاعته وعلمه وقدرته، وقد استشهد رضوان الله عليه في معركة غير متكافئة مشهورة في المصادرة التاريخية في الثامن من شهر ذي الحجة من السنة المذكورة.ولصحن المرقد أبواب متعددة منها ثلاثة تطل على مسجد الكوفة المعظم والرابع واجه الشارع الخارجي، وللمرقد قبة ذهبية شامخة يصل ارتفاعها إلى (28)، متراً كسيت بالصفائح المطلية بالذهب يصل عددها إلى (10.315)، قطعة وبقياس مربع طول ضلعه (20) سم، وطليت كل صفيحة (طابوقة) بمثقالين ونصف من الذهب الخالص، اما مساحة الصحن الذي يضم المرقد الطاهر ومرقد هاني بن عروة رضوان الله عليه فيبلغ (5.344) متر مربع من ضمنها الحجرات والمسقفات، فيما تصل مساحة حضرة مسلم بن عقيل عليه السلام (620) متراً مربعاً، أما مساحة الشباك المقدس فهي (19.6) متراً مربعاً، وللضريح الشريف رواق واسع زُجّج بالمرايا والنقوش النباتية والأعمال الفنية الرائعة الجمال، وتجد إلى جانبه المرقد الطاهر للمختار بن أبي عبيدة الثقفي الذي ثار ليأخذ بثأر الإمام الحسين عليه السلام سنة (64) للهجرة.
مسجد الكوفة
مسجد الكوفة أقدم المساجد بعد بيت الله الحرام، فقد كان معبد الملائكة قَبل خَلْق آدم عليه السلام، وصار مَعبَده، ومَن بعدَه من الأنبياء والمُرسلين.
* عن أمير المؤمنين عليه السلام:
*«..إنَّ الملائكة لتنزل في كلّ ليلة إلى مسجد الكوفة».
*«مسجد الكوفة صلّى فيه سبعون نبيّاً وسبعون وصيّاً أنا أحدهم».
*وهو أحد المساجد الأربعة التي يُخَيَّر المصلي فيها بين القصر والتَمام، والتَّمام أولى. والفريضة فيه تعدل حِجّةً مقبُولة، وتعدل ألف صلاة تُصلّى في غيره، «... ولَيأتينّ عليه زمان يكون مُصلّى المهديّ من وُلدي..» كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام، وأنّه –أي مسجد الكوفة- يشفع يوم القيامة «لأهله ولمن صلّى فيه، فلا تُردُّ شفاعته ".."
*عن أمير المؤمنين عليه السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿..وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين﴾ المؤمنون:50، قال: «الرَّبوة الكوفة، والقرار المسجد، والمَعين الفرات».
*عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «ما من نبيّ ولا عبدٍ صالح، إلّا وقد صلّى في مسجد الكوفة، حتى أنّ رسول الله لـمّا أُسري به إلى السّماء قال له جبرئيل: أتدري أين أنت يا محمّد؟ أنت الساعة مقابل مسجد كوفان، فقال: فاستأذِن ربّي حتّى آتيه فأصلّي فيه ركعتين، فنزل فصلّى فيه ركعتين. ثمّ قال: أما علمتَ أنّ ميمنته لَروضة من رياض الجنّة، وأنّ وسطه لروضة من رياض الجنّة، وأنّ مؤخّره لروضة من رياض الجنّة؟ أما علمت أنّ الصلاة المكتوبة فيه تعدل ألف صلاة في غيره؟ والنّافلة خمسمائة صلاة؟ والجلوس فيه من غير قراءة القرآن عبادة؟ ولو عَلِمَ النّاس ما فيه لأتوه ولو حبواً».
تأسيس مسجد الكوفة
روى الشيخ الصدوق في (مَن لا يحضره الفقيه) عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «حدُّ مسجد الكوفة آخر [سوق] السرّاجين، خطّه آدم عليه السلام وأنا أكره أن أدخله راكباً». فقيل له: فمن غَيَّره عن خِطّته؟ قال: «أمّا أوّل ذلك فالطوفان في زمن نوح، ثمّ غيَّره بعد أصحاب كِسرى والنُّعمان بن منذر، ثمّ غيَّره زياد بن أبي سفيان».
إثر الفتوحات الإسلاميّة في العراق وانهزام الساسانيّين، تحوّل المسلمون بقيادة سعد بن أبي وقّاص إلى موضع الكوفة، بعدما أشار سلمان الفارسيّ على ابن أبي وقّاص بالتحوّل إليها، وكان أفضل من المناطق التّي حاولوا الإستقرار فيها، فعمد ابن أبي وقّاص إلى تمصيرها [جعلَها مصراً، أي: بلداً]، وبنى فيها المسجد الجامع، ووافق مكان بنائه، من دون علمه، الموضع الذي تحدّثت الروايات عن أنّه مهبط الملائكة، وحيث خطّ آدم عليه السلام مكاناً للعبادة، وموضعَ صناعة سفينة نوح عليه السلام.
وكان ابن أبي وقّاص قد استعان بعمّار بن ياسر، وبأبي الهيّاج الأسديّ، أحد رواة أمير المؤمنين عليه السّلام، لتخطيط الكوفة، ثمّ اختطّوا المسجد على عِدّة مقاتلتهم، أي أربعين ألف إنسان، وبنوا لسعد قصراً وهو دار الإمارة الملاصق للمسجد والماثلة أطلاله اليوم جنوبَه.
وكان ارتفاع جدران قصر الإمارة نحواً من سبعة عشر متراً، وكان بينه وبين المسجد ممرّ سرّي يُفضي إلى باب يفتح على سدّة فوق محراب المسجد.
مسجد الكوفة اليوم
تبلغ مساحة مسجد الكوفة حاليّاً أكثر من اثني عشر ألف متر مربّع، وهو مربّع الشكّل، يبلغ ارتفاع أسواره نحواً من عشرين متراً، يدعمها من الخارج ثمانية وعشرون برجاً على شكل أنصاف دوائر.
يقع مدخل المسجد الرئيسي في طرف جداره الشمالي الشرقي، بحيث يكون الداخل إليه مواجهاً للقبلة، وعلى باب هذا المدخل زخارف آجريّة محفورة حفراً مخمليّاً جميلاً تعود للقرن السادس الهجري.
أمّا صحن المسجد فهو مكشوف، توجد فيه مجموعة من المحاريب، ويتوسَّطه موضع سفينة نوح عليه السلام، وقد حُدِّد هذا المكان بشكل مُثَمَّن، يُنزل إليه بسلّم يؤدّي إلى بناء مكشوف، وفيه حجرة صغيرة داخلها محراب. وفي رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: «..وفي زاويته فار التّنور..»، إشارة إلى قوله تعالى في سورَتي هود، الآية 40، والمؤمنون، الآية 27، والمقصود بفوَران التنوّر تدفّق الماء الذي كان علامة على بدء الطوفان.
وبجوار مسجد الكوفة يقع بيت الإمام علي عليه السلام، ولا يزال البيت مزاراً للمؤمنين وعليه قبّة خضراء.
المسجد في عهد أمير المؤمنين
كان مسجد الكوفة في زمن خلافة لأمير المؤمنين عليه السلام (36-40 هجريّة) مركزاً للحكم ومكاناً للعبادة، ولم يتّخذ عليه السلام –خلافاً لمن سبقه وتبعه في الحكم- مقصورةً فيه، كما لم يحجز بينه وبين من يأتمّ بهم شيء، لكنّه صلوات الله عليه اتّخذ منبراً للخطابة، وموقعه بجانب المحراب المعروف باسم «محراب أمير المؤمنين»، وقد جُدّدت عمارته مع المحراب أوّلاً عام 1363 هجريّة، ومن ثمّ في السنوات الأخيرة بعد سقوط النظام البعثي في العراق.
كما اتّخذ أمير المؤمنين عليه السلام في المسجد دَكّةً [مصطبة] للقضاء، وكانت بجانبها أسطوانة [عمود] قصيرة كُتب عليها ﴿إنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسانِ..﴾ النحل:90. وعلى هذه الدَّكّة حَكَم صلوات الله عليه في قضايا عديدة تزخر بها كتب الحديث والمصنّفات التاريخيّة، ومنها قضية الفتى الذي قُتل أبوه فوقف بباب المسجد ونادى بأعلى صوته: «يا أبا الغوث أغثني»، فأغاثه الأمير، وهي القضيّة التي فرّق فيها الإمام عليه السلام لأوّل مرّة بين الشهود.
وكان للمسجد قبّة، ويذكر ابن شهر آشوب في (المناقب) المعجزة التي أظهرها الإمام عليه السّلام من هذه القبّة، وعلى إثرها أسلم بعض تجّار اليهود.
المسجد في العصور اللّاحقة
زِيد في مساحة المسجد -في العصر الأموي- عشرين ذراعاً لكي تستوعب العدد الكبير من المقاتلين في الكوفة، فصار يتسع –في زمن زياد بن أبيه- لستين ألف مصلٍّ- وشُيّدت أبوابه وأسواره، وكُسيت أرضه بالحصى.
بدورهم، استغلّ العبّاسيّون مسجد الكوفة في بداية أمرهم، وجعلوه مركزاً لدعوتهم، فكان يجتمع فيه مناصروهم، وفيه بويع لأبي العبّاس السّفاح، وجعله بادئ أمرِه، مقرّه ومركز حكمه.
وفي فترة لاحقة، عندما اشتدّت شوكة القرامطة، عاثوا فساداً في الأرض، ونشروا الرعب في أوساط النّاس، ونقلوا الحجر الأسود من مكّة المكرّمة إلى مسجد الكوفة، وبقي هناك اثنين وعشرين عاماً.
وفي العصر العباسي الثاني، عنِيَ البُوَيْهيّون بالعتبات المقدّسة، واهتمّوا بعمارتها وإرسال الهدايا لها، ومنها مسجد الكوفة. وعندما فرغ عضد الدّولة البويهيّ من تجديد عمارته، دعا العلماء والأشراف والشعراء إلى حضور افتتاحه، وكان بينهم الشاعر الحسين بن الحجّاج، فأنشد قصيدته التي مطلعها:
يا صاحبَ القُبّة البَيْضا على النّجفِ مَن زارَ قبرك واستشفى لديك شُفي
وكذلك اهتمّ بعمارته الصفويّون والعثمانيّون، إلى أن تداعت عمارته القديمة أوائل القرن الثالث عشر، فأَصلَح سوره وما فيه من المقامات المرجع الديني الكبير، السيّد محمّد مهدي بحر العلوم الطباطبائي رضوان الله عليه.
آثار السيّد بحر العلوم في مسجد الكوفة
يقول السيد حسين البراقي (ت 1332 هجريّة) في كتابه (تاريخ الكوفة): «إنّ للعلّامة الكبير الحجّة السيّد محمّد مهدي النجفي الشهير بـ (بحر العلوم) رحمه الله تعالى آثاراً خالدة، منها: أنّ المقامات الكريمة في مسجد الكوفة لم تَزل من سالِف الأيام مجهولة عند الناس مُستنكَرة الأعلام، لا يعرفها إلّا أولو البصيرة في الدين -وقليل ما هم- فتصدّى السيّد رحمه الله لتعيين تلك المقامات الشريفة، وبنى فيها العلامات والمحاريب، ووضع عموداً صخريّاً في محراب النبيّ صلّى الله عليه وآله لتعيين القبلة، وهو الشاخص المعروف اليوم بالرخامة، وشَيَّد أيضاً فيه الحُجرات حتى تكون أظِلّةً يلوذ إليها من أصهرته الشمس من العبادة، أو يعتكف فيها من أراد الإعتكاف في أيّام الشتاء، كلّ ذلك إعانة على البرِّ والتقوى وتخليداً لمآثر الأنبياء وأئمّة الدِّين عليهم السلام. ومنها: أنّ (مستوى) أرض مسجد الكوفة في الأصل هي (بمستوى) أرض السفينة، وكانت تمرّ عليها المارّة وتطأها أرجل الواطئين ويجتمع أخلاط الناس ".." فلربّما يصِلُ إلى أرض المسجد شيء من القذارات يكون الواجب تنزيهها عنه، فتُنْحَت الأرض نحتاً، ويطرح ترابها إلى خارج المسجد، وفيه من المَحذور الشرعي ما لا يَخفى. ( باعتباره تراب وقف). وقد اعتنى السيّد رحمه الله بهذا الشأن، وطمَّ أرض المسجد بالتراب الطاهر من خارجها، صَوْناً للبقعة الشريفة عمَّا يَمسّ بطهارتها، وتيسيراً لإزالة الدَّرَن عنها، فصارت أرضاً فوق أرض، ووَضَع محاريب فوق المحاريب الأصليّة على صورة يراها اليوم كلّ قاصد ومُرتاد، ".." ثمّ إنّه في سنة 1325 هجريّة تصدّى السيّد عليّ كمونة سادن الحرم العلوي، فصنع خاناً عظيماً إلى جانب المسجد من الجهة الغربيّة وهو على طوله، ".." وقد ساعده على بذل الأموال سيِّد شهم من أهل البحرين، فبُنِي وتمَّ بناؤه سنة 1327 هجريّة».
مقامات المسجد
عن أمير المؤمنين عليه السّلام: «يا أهل الكوفة، لقد حباكم الله عزّ وجلّ بما لم يَحْبُ به أحداً، ففضّل مُصلّاكم وهو بيت آدم، وبيت نوح [وفي رواية أخرى: مُصلّى نوح] ، وبيت إدريس، ومُصلّى إبراهيم الخليل، ومُصلّى أخي الخضر عليهم السلام، ومُصلَّاي..».
وعنه عليه السلام: «..وفيه هَلَك يَغوث ويَعُوق [صنمان لقوم نوح عليه السلام].
***
يُقصد بالمقامات المواضع التي اتّخذها الأنبياء أو الأئمّة المعصومون صلوات الله عليهم أجمعين مكاناً للعبادة والصلاة، وجَرَت العادة أن يتمّ تحديد هذه المواضع بِمَدى قربها من أسطوانة (عمود) من أساطين المسجد، وكما سبقت الإشارة فقد كان مسجد الكوفة مُصلّى جميع الأنبياء من لَدُن آدم إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وعليهم أجمعين، وفيه حتى يومنا هذا مقامات تُعرف بأسماء بعضهم صلوات الله عليهم. من هذه المقامات:
1- مقام النّبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله أو مقام المعراج: يقع في وسط المسجد، قريباً من «المِزولة»: "وسيلة تحديد الزوال" الآتي ذِكرها، ويُرجَّح أنّه الموضع الذي نزل وصلّى فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله في رحلة الإسراء، كما في الحديث المتقدّم عن الإمام الصادق عليه السلام.
2- مقام أمير المؤمنين عليه السلام، وفيه المحراب، وهو في غرفة واسعة، تضمّ مقامَي الإمام زين العابدين ونبيّ الله نوح عليهما السلام، وفيه كان يصلّي أمير المؤمنين عليه السلام وفيه استُشهِد سلام الله عليه، ومن هنا سمّي المكان بالمقام لأنّه عليه السلام كان يُقيم صلاته فيه. وكان بجانب المحراب باب يمرّ إلى قصر الإمارة التّي لا تزال أطلاله ماثلة اليوم. وهذا المحراب يتعاهده المؤمنون بالتبرُّك، وقد نُصب عليه سنة 1974م شبّاك من الفضّة والذهب. وقد أُنشىء حديثاً بناءٌ كبير في موضع المحراب.
3- مقام الإمام زين العابدين عليه السلام: وهو عند الأسطوانة السابعة، على مقربة من محراب الأمير عليه السلام، ويبدو أنَّ أبا حمزة الثمالي تعرّف إلى الإمام في هذا المكان، ففي الرواية عن أبي حمزة، قال: « دخلتُ مسجد الكوفة فإذا أنا برجل عند الأسطوانة السابعة قائم يصلِّي يحسن ركوعه وسجوده ، ".." ثمّ انفتل وخرج من باب كندة» فتبعه أبو حمزة وسأل أحدهم عنه، فقال له: هذا عليّ بن الحسين عليهما السلام.
4- مقام الإمام الصادق عليه السلام: على مقرُبة من مدخل مرقد الشهيد مُسلم بن عقيل.
5- مقام إبراهيم عليه السّلام: عن أمير المؤمنين عليه السلام: «..وعند الأسطوانة الخامسة صلّى إبراهيم عليه السّلام..»، ويُرجّح أنّه المقام المواجه لـ «باب الثعبان» الآتي ذكره.
6- مقام الخضر عليه السّلام: ملاصقٌ لمقام إبراهيم عليه السلام. وروى الشيخ الطوسي في (الأمالي) عن الشيخ المفيد أنّ أمير المؤمنين كان يُصلّي في مسجد الكوفة، فدخل عليه الخضر، وقبّل رأسه.. ثمّ شيّعه الأمير عليه السلام إلى خارج المسجد.
7- مقام آدم عليه السلام: قريباً من مقام الإمام زين العابدين، وهو مقام وفّق الله تعالى فيه النبي آدم عليه السلام، للتّوبة.
8- مقام نوح عليه السلام، وهو المقام المُلاصق لمنبر الأمير ومحرابه.
ومن سائر الأبنية في مسجد الكوفة:
1- بيت الطّشت أو الطّست: هو المكان الذي برزت منه معجزة لأمير المؤمنين عليه السلام في بنت عزباء كانت قد غاصت في ماء فيه العلق، فوَلجت في جوفها عَلَقَة، فَنَمَت وكبُرت ممّا امتصّته من الدّم، فكبر بطن البنت فحسبها أخوتها حبلى، فراموا قتلها، فأتوا أمير المؤمنين عليه السلام ليحكم بينهم، فأمر بستار فضُرب في جانِب من المسجد وجُعلت البنت خلفه، وأمر بقابلة الكوفة ففحصتها، وقالت: إنّها حبلى تحمل جنيناً في جوفها، فأمر عليه السلام بطست من الحمَأة [الطين الأسود الذي أصابته العفونة]، فأُجلست البنتُ عليه، فأحسّت العَلقة بذفر الحمأة فانسلّت من جوفها نحو الطّست، فظهرت بذلك براءة الفتاة.
2- دَكّة القضاء: تقدّم ذِكرها تحت عنوان: «المسجد في عهد أمير المؤمنين عليه السلام».
3- المِزولة: وهي عمود صخري، أقيم وسطه لتحديد وقت زوال الشمس.
مزارات قريبة
وعلى مقربة من مسجد الكوفة تُوجد عدّة مزارات؛ منها مزار السيّدة خديجة بنت أمير المؤمنين عليه السلام، ومزار آخر فيه قبران يُنسبان للسيّدتين عاتكة وسكينة ابنَتي الإمام الحسين عليه السلام، وعلى بعد مئات الأمتار من المسجد يقع مقام الشهيد ميثم التمّار، من خيار أصحاب الأمير عليه السلام، الذي قتله ابن زياد صلباً، ودُفن في ذلك الموضع المعروف بـ «السَّبخة».
أبواب مسجد الكوفة
1- أبواب كندة: كان للمسجد عدّة أبواب تُسمّى أبواب كندة، ومن أحدها خرج الشهيد مسلم بن عقيل حين تفرّق الناس عنه، وكانت هذه الأبواب تفتح على الرَّحبة، وهي ساحة يبدو أنّ مكانها كان بين المسجد وبيت الأمير عليه السلام الذي تقع بجواره الآن أطلال قصر الإمارة.
2- باب السُّدة: وهو الذي كان يدخل منه أمير المؤمنين عليه السلام، وموضعه على مقربةٍ من المحراب، ويُفضي إلى بيت الأمير صلوات الله عليه مروراً بجانب قصر الإمارة.
3- باب الحُجّة عليه السلام: في الجانب الغربي من المسجد.
3- باب الثُّعبان: وهو المعروف الآن باسم (باب الفيل): وفي سبب التسمية نجد في المصادر المعتبرة: بينما أمير المؤمنين عليه السلام يخطب على منبر الكوفة، إذ ظهر ثعبانٌ من جانب المنبر وجعل يَجرّ ويَرقى، حتى دنا من أمير المؤمنين عليه السلام، فارتاع الناس من ذلك وهمُّوا أن يدفعوه عن الإمام عليه السلام، فأومى بالكفِّ عنه، فلمّا صار الثعبان على المنبر رقى إلى المرقاة التي عليها الإمام، ثمّ قام الثعبان ثمّ انحنى الإمام على الثعبان، فتطاول الثعبان إليه حتى التقم أذنه، فتحيَّر الناس من ذلك وهو يُحدِّثه، فَسَمع من كان قريباً كلام الثعبان، ثمَّ زال عن مكانه، وجعل أمير المؤمنين عليه السلام يُحرِّك شفتيه، والثعبان كالمُصغي إليه، ثمّ سار الثعبان وعاد أمير المؤمنين عليه السلام إلى خطبته وتمَّمها، فلمّا فرغ نزل من المنبر، فاجتمع إليه الناس يسألونه عن حال الثعبان والأعجوبة فيه. فقال عليه السلام: «ليس ذلك كما ظننتم، وإنّما كان هذا حاكماً على الجنِّ، فالتبست عليه قضيّة وصَعُبت عليه فجاء ليستفهمها فأفهمته إيّاها، فدعا لي بالخير وانصرف». وكان قد دخل الثعبان من الباب الكبير الذي يدخل منه الناس اليوم وهو بجهة عكس القبلة، فسُمِّي باب الثعبان واشتُهر بذلك، فَكَرِه بنو أُميّة ظهور هذه الفضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام، فربطوا في ذلك الباب فيلاً وراموا أن تُنسى تلك الفضيلة، فعُرِف بباب الفيل.
4- باب الأنماط: وهو يُحاذي باب الثعبان، لكنّه سُدَّ لاحقاً.
5- باب الرّحمة: افتُتح في العام 1968م.
وكان لكلّ قبيلة من قبائل الكوفة باب باسمها، لكن بتداول الأيّام والحوادث الكارثة سُدَّت الأبواب ولم يبقَ منها إلَّا باب الثعبان، وباب الرّحمة الذي افتُتح حديثاً.