نصير الحسناوي
ثمة وشائج فطرية تربط الإنسان بأرضه ووطنه، وصولاً إلى أن تحتضنه نحو عالم الخلود ـ وفق أمانيه ـ وأخرى تجذبه لإطار نفسي أو عقائدي أو تأريخي أو عرقي.. من هناك كان من حق كل فرد أن يفخر ويعتز بهذا الانتماء.. حتى صار بكل الأعراف والدساتير السماوية والأرضية ضمان للفرد بحقه ـ في انتمائه لأرضه ـ والدفاع عنه، وصار ترك الدفاع من الخيانات العظمى وشذوذاً عن الطبع البشري.
وتشتد هذه الآصرة الترابطية بروح الفرد أو الجماعة كلما كان مخزون العطاء لهذه الأرض أو تلك ذا مداليل متعددة وعطاءات متفردة.
فما بالك بأرض جَمَعَتْ جُل روائع العلو والسمو في التأريخ الإنساني والحضاري وصولاً إلى المستوى العقائدي، فالعراق أرض أنبتت الإنسان وبه ستختم، وابتدعت الحرف والقانون معاً، واحتضنت أديان السماء، واسترشدت ـ فوق هذا وذاك ـ بنيّر آل بيت الرحمة والعصمة والطهارة، وصارت مناراً وقبلة لمدرستهم.
فليست هذه الكلمات مجاملة أو غلو تجاه حقيقة كبرى، فهي انعكاس متواضع لمعاني عظيمة ومشوار ومخزون ضخم، فيكفي العراق أنه دولة أول وآخر إمام من أئمة أهل البيت (ع).
نعم وكيف لا!؟ ونحن نجد مرجعنا المفدى يؤكد هذا المعنى فكثيراً ما يردد مقولة أئمة أهل البيت (ع) لأهل العراق: (أنتم الشعار دون الدثار)، وينقل وصايا آل الرسول (ص) حيث يُرسلون أصحابهم إلى العراق، ليتمتعوا بعشق هذا الوطن، بعد أن ينعتوه بأفضل النعوت.
يبقى تساؤل كيف نكون أوفياء لهذا التربة المعطاء؟ فكانت وصايا سماحة المرجع تنص على: طلب العلم، وبذل الجهد والاجتهاد في تحصيله لأعمار ما مر به العراق من حقب سوداء...
فمادمنا نستورد ما نحتاجه من الدول الاستكبارية، فهذا يعني أننا مازلنا تحت ذلهم وعوز الحاجة لهم، من هنا وضع آماله على الشباب لأن يأخذوا باسم العراق عالياً سيما أنه يملك الثروات الكفيلة لأن تضعها في مصاف أكبر وأعظم دولة في العالم.