ينبغي أن يستحضر المتعقل والمتأمل
والقارئ للواقع سؤالاً مهماً وهو: هل ازدراء الأخلاق والموروث والدين من عوامل
التطور والنمو المدني؟
وهل يعقل أن نعزو أسباب التخلف
والحروب بسبب التمسك بالهوية (الدينية، الوطنية، الإنسانية)...!؟
والجواب: بالتأكيد أن المنطق السليم
ينسف هذا التبادر أو الفرض المجحف _لدى أصحاب الشبهات_ ببساطة؛ لأنّ المفاهيم
مترامية، وفرض الادعاء لا يمكن ربطه والاستدلال به البتة، فالقضايا متعددة،
والمفاهيم فضفاضة، وريع المنتج الثقافي لابد أن يكون مبنياً على أساس دقيق وبمصداقية
عاليّة، وبمعطى دقيق يخالج الجذر الأساس ولكل قضية بحسبها، وأما الواقع فأول كلمة
في الإسلام هي: (أقرأ).. والشواهد يطول ذكرها.
في حين بات المغالط يُرسخ هذا الفرض
بقوة وبوسائل متعددة أولها الـ(الإعلام، والإشاعة، وخلق الأحداث التراكمية) لإيلاج
الأفكار (المسمّومة) في ذهن المتلقي دون أن يعي حقيقة تلك الايلاجات المسمومة.
ولنأخذ تطبيق ذلك على عيّنة المجتمع
العراقي مثلاً لنؤكد ما نقول، من خلال رصد التعاملات والأحداث طيلة العقدين
الماضيين بعجالة..
فعلى الصعيد الإعلامي قدّمت معظم
وسائل الإعلام والتلفزة والملتيميديا المأجورة محتوىً مليّئاً بِخلقِ روح اليأس
والقنوط وإثارة الرعب وصولاً للحنين على سني الدكتاتورية والإجرام..!
رافقها تراكمات متواصلة شديدة الوطأة
على المجتمع حيث الحروب الطائفية والإرهابية وصولاً للقتل على الهوية وسقوط ثلث
العراق على يد تنظيم متعطش للدماء والقتل والدمار _يرفع يافطة الإسلام عجباً!_،
والحروب وساعد عليها الفساد على أكثر من صعيد وأسلوب ماكر.
يليّها التدرج رويداً رويداً _بعد
تلكم الصدمات_ صوب الإعلام اللّاخلقي حيث نشر مظاهر الخلاعة والإباحة والميوعة
ما يخلق بيئة مؤثرة وفاعلة لترسيخ تجاه ما يسمى: بـ(التحرر)، حيث والانبهار بالغرب..
سعياً لتذويب الهوية الوطنية والدينية نحو هوية دخيّلة لا تمتُّ لأيّ قيّمة سماوية
أو أرضية بصلة.
ولعل العديد من الحراكات الجماهيرية
لم تخلوا من سلوكيات غير متزنة، إذ كانت
العديد من المنصات المأجورة لها القدرة على التوجيه والتحريك صوب الفوضى
اللّاخلاقة، لولا توجيه المرجعية الدينية (لمجتمعها) وتبنيّها المطالب المشروعة
لفرز التوجه صوب ما هو إيجابي وحقيقي وواقعي وشرعي.
من هنا أحسب أن ما مضى كان تمهيداً
وبداية لاستئصال الجيل من الهدف الذي كافح لأجله أبناء الرافدين طيلة عقود من
الزمان، وقدّم أنهاراً من الدماء مواجهاً أعتى الدكتاتوريات والمؤامرات بغية الحفاظ
على المبادئ والقيم والأصول، وبذلك يكون جواب سؤالنا.. نعم، تم خلق أجيالٍ من
عديمي الوعي أو فاقدي التمييّز لتثار شبهة وصم التقهقر بالمتدينين وحسب.
وما ذلك إلا قراءة للقوّة العظيمة
التي يتمتع بها أبناء العراق.. ألا وهي الارتباط بالشعائر الدينية والمرجعية
الدينية في النجف الأَشرف.. وعلى هذا ينبغي على كُل مؤمن ومثقف ووطني أن يُدرك
أهمية القيام بالواجب (الديني، والوطني، والإنساني) بحفظ الهوية والنوع العراقي
ونشر مفاهيم الوعي للتصدي لمؤامرة مسخ النوع العراقي.
نصير الحسناوي