تُصنف البُنية التوجيهية والتنظيمية
والدفعية والإلزامية والحيثية الإسلامية مكلفيها إلى جوانب ثلاثة، أولها ما
يتعلق بالجانب العقدي أو الاعتقادي وهو الذي يعتمد في أساسه على تفعيل الجانب
العقلي لكل فرد بذاته (تصديقاً تاماً باختياره)؛ معتمداً على ما نصت عليه الثوابت
العقلية والفطرية وركائز الحث الكوني والتكويني والنص الثابت بقيامه على أُسس
القطع واليقين، وهذه ما يطلق عليها أصول الدين.
أما الجانب الآخر بعد حسم المنظومة
العقدية يتجه الشارع لوضع الدستور والمقنن الأساس وفق قوانين وأطر حكمية تمتد
وصولاً وعملاً صوب الالتزام والنهي بتدرج وفق النص الشرعي المأخوذ من المعصوم
والقرآن الكريم والدلالة الاجتهادية الفقهية المبرءة للذمة.. وهذه ما يُعبر عنه
بفروع الدين.
ووضع الشارع المقدس سُلماً للارتقاء
والنمو الروحي والأخلاقي ما يأخذ بالأفراد والمجتمع صوب سُلم التكامل الأعلى،
ليمتزج في رحاب الطهر والملكوت.
ولعل الشارع المقدس بنى ركائزه الثلاث
ليأخذ بالأُمة أعلى مراتب الكمال شريطة التزام الأُمة والفرد تلك الركائز من
نبعها الصافي النقي المتمثل بالقرآن الكريم، والنبي الأعظم وأهل بيته الأطايب
الأطهار (صلوات الله عليهم).
فالالتزام الأخلاقي يحمل أهمية كبيرة
على مستوى الفرد والمجتمع، ويؤثر في العديد من الجوانب لبناء الشخص والأُسرة
والمجتمع نحو حضارة متكاملة متماسكة متراصة.
فعلماء الأخلاق يؤكدون أن تلكم
الالتزامات هي ارتقاء وتطوير لشخصية الفرد بل وتعزيزٌ لقيمه الوجودية، ما يساعد
على تحقيق التوازن الذاتي والنفسي والعاطفي، للشعور بالرضا الذاتي والانطلاق
بالثقة في الذات والنفس صوب التأثير في المجتمع، أو تأثير الأُمة على باقي
الأُمم.
ومن مميزات البناء الأخلاقي جعل
الوثيقة والترابط الفردي والمجتمعي على أعلى مراتب الانسجام والارتقاء نحو قيم
الإيثار والعطاء والفاعلية في الأداء.
فالارتقاء الأخلاقي يصون ويحد من
الصراعات والتوترات بين الفرد والأُسرة والمجتمع وباقي الحضرات، ما يخلق بيئة
مليئة بالسلام والمحبة، ويجعل البيئة الإنسانية سائرة صوب التقدم بكل صنوفه وأنواعه
وبإيجابية عالية وفاعلة ومستدامة.
لقد مزج الإسلام الواجب الفقهي أو
الدستوري أو القانوني بلمسات الروح والأخلاق والروحانية، وجعل لها أماكن وأزمان
ومواسم تُجدد فيها الفاعلية، فإن جعل موسم العبادة في اشهرٍ معينة: فعن النبي
الأعظم (صلى الله عليه وآله): "إِنَّ رَجَبَ شَهْرُ اللهِ العَظِيمُ لَا
يُقَارِبُهُ شَهْرٌ مِنْ الشُّهُورِ حُرْمَةً وَفَضْلًا، وَالقِتَالُ مَعَ
الكُفَّارِ فِيهِ حَرَامٌ، أَلَا أَنَّ رَجَبَ شَهْرُ اللهِ، وَشَعْبَانُ شَهْرِي،
وَرَمَضَانُ شَهْرُ أُمَّتِي، أَلَا فَمَنْ صَامَ مِنْ رَجَبَ يَوْمًا
اسْتَوْجَبَ رِضْوَانَ اللهِ الأَكْبَرَ، وَابْتَعَدَ عَنْهُ غَضَبُ اللهِ،
وَأُغْلِقَ عَنْهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ"..
نعم، لم ولن يتمكن أساطين Ontology من إيجاد منظومة
متكاملة مستدركة لكل المدارك المعرفية والعملية بفاعلية عظمى وكبرى كالإسلام..
فشكراً لله على نعمة الإسلام، والأدلاء عليه نبينا الكريم وآله الأطايب
الأطهار.
نصير الحسناوي