مَن نّكثَّ بيعة الغدير هو قاتل للإمام الحسين (عليه السلام)، هو قاتل للخمسة أصحاب الكساء (عليهم السلام) الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً بالإجماع، بل وقاتل لأئمة المسلمين الأئمة المعصومين (عليهم السلام)! بل منتهك لحرمات المسلمين وسبب المآسي التي ألمَّت بهم إلى يوم الدين.. إذ لا فصل بين الإيمان العقدي والسياسي ومجريات الحدث وتسارعاته في فجر الإسلام وإلى ما شاء الله.. ولعل العديد من الأخبار أكَّدت ذلك.. _رغم ضيق المقام_ فخرج بها ابن الحديد بنتيجة قائلاً: "وتعلّلت طائفة أُخري منهم بكراهيّة الجمع بين النبوّة والخلافة في بيت واحد"، فكانت النتيجة أن سُحب البساط من بيت الوحي لأُناس يفضلون كُتب الأحبار على القرآن الكريم..!، أو يتباهون بهروبهم كأنهم أروى في حروب الرسول.. وشتان ما بين الخطين: فـ(مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)؟.
إن انسحابات هذا النكث باتت واضحة جلية في حادثة الدار وما جرى على أُم أبيها فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وحروب الإمام علي (عليه السلام)، والأزمات السياسية في عهد الإمام الحسن السبط (عليه السلام)، وصولاً إلى يوم كربلاء الدامي.. إذ لا يمكن تصور الخيبة في الأُمة غير المرحومة أن تعمل بالنّد مع بيوت الله، وبيوت الوحي والكرامة والعزّة بعد أن استنقذوا الأُمة من قيعان الانحطاط والرذيلة والخنوع صوب أُمة تبث فكرها ووعيها السماوي تجاه الخافقين، مؤلم أن يُجابه فضل بيت النبوة على الإنسانية إلى يوم الدين بتلك الانكسارات البائسة..!
عوداً ليوم الغدير.. إن ما قامت به الرؤوس المدبرة بنكث البيعة وتسويف وصية الله ورسوله إنما هي نكسة الإسلام الكبرى، ووعكة المؤمنين عموماً إلى يوم يبعثون.. فما سبي المدينة المنورة، واستباحة الحرم المكي وهدم الكعبة إلا إشارة بدءٍ لما يحلُّ بأمة الإسلام اليوم، جراء جرائم وذنوب عظيمة كبيرة جردتهم عن القيمة العظمى والثقل الأكبر..
على هذا يمكن أن نعي أهمية تأكيد الأئمة المعصومين على المسلمين إحياء هذا اليوم وتأكيده، وما ورد فيه من نصوص خاصّة تُشدد في مجملها على حمد الله وشكره أولاً على نعمة النعم [نعمة الولاء والبيعة للمولى أمير المؤمنين (عليه السلام)]..
ومحاكمة التأريخ كفيلة بأن تحكي من يومنا هذا وإلى يوم الرحيل الأعظم لرسول الإنسانية (صلى الله عليه وآله) مجيبةً عن الانكسارات التي أحاطت بالأمة التي كانت نتاج تجاهل ما قاله رسولنا الأعظم: (لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب عليه السلام لما خلق الله (عز وجل) النار). نعم وقد جربت الأُمة حكم المولى علي (عليه السلام) رغم المكائد والمصائب التي حيكت ضده، فكان العدل لديه هو أساس حكمه.
نصير الحسناوي