(مَا يَنطِقُ عَنِ
الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)، صدق الله العلي العظيم، وصدّق رسوله
النبي الكريم إذ قال: (حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ
مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا)..
من الثوابت إن الامتداد النسبي والشرعي
والخَلقي والخُلقي للنبي الأعظم جاء من فاطمة وبعلها وبنيها، وأن الإمام الحسين
الشهيد (صلوات الله عليه) هو امتداد مستدام عِبر مساره الإصلاحي وتضحياته الجسام
على أرض كربلاء المقدسة، وهو أيضاً الامتداد الشرعي لمسار الإمامة إماماً بعد
إمام.. وهذا ما عَبّر عنه النبي الأعظم (صلوات ربي عليه) قائلاً: (حُسَيْنٌ
مِنِّي)..
ويمتد البيان الوصفي للنبي الأعظم
لمكانة الإمام الحسين قائلاً: (وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ)، وهنا بلغ بالباحثين
والعلماء مبلغهم وجهدهم في بيّان العديد من المعطيات والتفاسير فبين المعطيات
البيانيّة أو التبعيضيّة يسيح الفكر في باحات المعطى المحمديّ..
فمقام النبيّ الأعظم (صلى الله عليه
وآله) في تسنّمه هرم الشفاعة الكبرى وسيادة الخلائق أجمع بما فيهم الأنبياء
والأوصياء إنما جاء بسبب رضاه بشهادة ولده وريحانته _كما ورد في الأثر/ وفي
مقّدمتها ما جاء في تفاسير قوله تعالى: (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) إذ لولا
هذا الفداء لما بقى إسماعيل ونسله_ إحياءً لدين الله وامتثالاً لأمره، ما جعل هذا
الالتزام المحمدي (بواسطة سيد الشهداء) أعلى مراتب الالتزام برضا الله، وأرفع مراتب
الحرص على ديمومة دينه الحنيف.
وهكذا يقف البعض عند عوالم الملكوت أو
الخزائن أو الذر أن الطينة الأصيلة النورانية للخمسة أصحاب الكساء كانت جزءاً
ونوراً ووجوداً واحداً من سنخ واحد.. نعم أن هذا النور متمحور في الذر المحمديّ
المقدس.. وبذلك نكون قد وقفنا عند أبرز التحليلات وفي أكثر من صعيد أو نطاق..
ولنُدرك بحسب أفهامنا وببساطة أن
استمرار الإسلام وشريعة سيد الأنام إلى يوم القيامة بعد أن بات قاب قوسين أو أدنى
إثر رحيل النبي الأعظم وتحديداً في حُقبتي ما قبل وبعد حكم المولى أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب وأبنه الحسن (صلوات الله عليهما) كان لزاماً أن تُصعق الأمُة
بصعقة الإنعاش الكبرى، والتي تمثلت بأقدس ما في وجود الله وآخر أصحاب الكساء
لتعود لوعيها، وتبدأ أولى مراحل الإنعاش وتنبثق بالذكر الحسيني يوماً بعد يوم
تتسابق الصراع بين الأباطرة والطغاة وأعداء الدين والوجود المحمدي أو الحسيني بلا
فرق فيبقى الإسلام رغم كُل الإرادات والمكائد.
ومع كُل هذا نقف عند أفق نظرنا القاصر؛
فيكون الجواب بكل بساطة: سيبقى الإسلام مُحمّدي الحدُوْث حسيني البقاء، نعم لقد
تمكن الحراك الحسيني أن يمتد بألطاف وتوجيه الأئمة الأطهار (صلوات الله عليهم) من
بعده، متمحورة في ظلالها شيعتهم ورجالاتهم من العلماء الأعلام والمراجع العظام
طيلة عصور من الزمن؛ لتؤكد أن الشعيرة الحسينية خط أحمر، وأن الحُسينيين هم من
حُسين مهما طال الزمان وامتدت أيادي الظلم والجور.. وحسبهم فخراً أن وصفهم الأئمة
الأطهار: (رحم الله شيعتنا..
خُلقوا من فاضل
طينتنا، وعجنوا بماء ولايتنا، يحزنون لحزننا، ويفرحون لفرحنا)، فهنيئاً لِمن كان
من حُسين، قال تعالى: (فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي).