الاعلانات
أَضَلُّ سَبِيلًا

أَضَلُّ سَبِيلًا




عندَ التتبُّعِ الدقيقِ لِمَنهجيَّةِ النبيِّ الأعظمِ وأهلِ بيتِهِ الأطيابِ الأطهارِ‌‏ ‌‏_صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمُ_ ‌‏‌‏سنقرأُ أنَّ الإسلامَ يعتبرُ كلَّ فعلٍ وكلَّ قولٍ، ‏سواءً كان فرديًّا أو جماعيًّا إيجابيًّا، إذا ما صَدَرَ في ‌‏‌‏طلبِ رضا اللهِ تعالى سيَحملُ بينَ طيّاتِهِ أجرًا وثوابًا كبيرًا، هذا فَضلًا عن المدرسةِ التعبديَّةِ ‏الكبيرةِ ‌‏‌‏والعظيمةِ التي تركها المعصومونَ لنا‌‏ ‌‏_عَلَيْهِمُ السَّلَامُ_، لاسيّما في أشهرِ العبادةِ (رجبَ، وشعبانَ، ‌‏‌‏ورمضانَ)، فَضلًا عن المكرُمةِ العظيمةِ ‏التي أغدقَ اللهُ علينا بها بزِيارةِ المعصومينَ واستِلهامِ العبَقِ ‌‏‌‏الرُّوحيِّ العظيمِ، والمكرُمةِ الإلهيّةِ العاليةِ في التماسِ البِقاعِ الطاهرةِ.‏


فالنيَّةُ هي المحورُ الأساس لكلِّ عملٍ، حيثُ تُحدِّدُ قيمةَ العملِ وثوابَهُ. فقد جاءَ عن النبيِّ ‌‏الأعظمِ ‌‏_صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ_: ‌‎"‌‎إنَّما الأعمالُ ‏بالنيَّةِ‌‏ ‌‏[وفي روايةٍ بالنيَّات]، وإنَّما لِكُلِّ امرِئٍ ما نَوى، ‌‏فمَن ‏كانت هجرتُهُ إلى اللهِ ورسولِهِ فهجرتُهُ إلى اللهِ ورسولِهِ، ومَن كانت هجرتُهُ إلى دُنيا ‏يُصيبُها أو ‌‏امرأةٍ ‏ينكحُها فهجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليه‌‏"‌‏.‏


فيما أردَفَ سيِّدُ الوصيِّينَ الإمامُ عليٌّ _عَلَيْهِ السَّلَامُ_ قائلاً‌‏:‌‏ ‌‎"‌‎إنَّ اللهَ سبحانه يُحبُّ أن تكونَ ‌‏نيَّةُ الإنسانِ للنَّاسِ جميلةً، كما يُحبُّ أن ‏تكونَ نيَّتُهُ في طاعتِهِ قويَّةً ‏غيرَ مدخولةٍ‌‏"‌‏.‏


وطالما دعا زينُ العابدينَ عليُّ بنُ الحسينِ ‌‎_ ‌‎عَلَيْهِمَا السَّلَامُ‌‏_‌‏: ‌‎"‌‎وانتَهِ بنيَّتي إلى ‏أحسنِ ‏النِّيَّاتِ، ‏وبعملي إلى أحسنِ الأعمالِ، اللهمَّ وفِّرْ ‏بلطفِكَ نيَّتي‌‏"‌‏.‏


فيما شدَّدَ صادقُ العِترةِ _عَلَيْهِ السَّلَامُ_ على المؤمنينَ بالقولِ‌‏:‌‏ ‌‎"‌‎لا بدَّ للعبدِ مِن خالصِ النِّيَّةِ ‌‏في كلِّ حركةٍ وسكونٍ؛ لأنَّهُ ‏إذا لم يكن هذا ‏المعنى يكونُ غافلًا‎"‎، ولعلَّه‌‏ ‌‏_صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه_ ‌‎ ‌‎يُحذِّرُنا ‏من الغفلةِ، والحديثُ عنها ‏خطيرٌ.‏

وعلى هذا نُدركُ ببساطةٍ أنَّ أفعالَنا وأقوالَنا وأعمالَنا، وُصولًا إلى نومِنا، ممكنٌ أن تكونَ عبادةً ‌‏تُزلفُنا ‏للخالقِ الجبَّارِ، لنغترفَ مِن نعمِ رضاهُ، ‏وما أعظمَها مِن نعمةٍ! أو أنْ تنقلبَ‎ ‎والعياذُ باللهِ‎ ‎حتَّى ‌‏‌‏عباداتِنا وجهادِنا لتبقى جامدةً في قعرِ المكانِ والزمانِ الذي يُحيطُنا وحسب.‏


فلا نستغربنَّ ممَّا جاءَ في كتابِ‎ ‎مناقبِ ابنِ شهرآشوب: ‌‎"‌‎قالَ أبو بصيرٍ للباقرِ‌‏ ‌‏_عَلَيْهِ ‌‏السَّلَامُ_: ما أكثرَ الحجيجَ وأعظمَ الضجيجَ! فقال: ‏بل ما أكثرَ الضجيجَ وأقلَّ الحجيجَ، أتحبُّ أن ‌‏‌‏تعلمَ صِدقَ ما أقولُهُ، وتراهُ عِيانًا؟ فمسحَ يدَهُ على عينيهِ ودعا بدعواتٍ فعادَ بصيرًا، فقال: انظُرْ ‏يا ‌‌‏أبا بصيرٍ إلى الحجيجِ. قال: فنظرتُ فإذا أكثرُ النّاسِ قردةٌ وخنازيرُ، والمؤمنُ بينهم مثلُ الكوكبِ ‌‏‌‏اللامعِ في الظّلماءِ. فقالَ أبو بصيرٍ: صدقتَ يا ‏مولاي، ما أقلَّ الحجيجَ وأكثرَ الضجيجَ. ثم دعا ‌‏‌‏بدعواتٍ فعادَ ضريرًا. فقالَ أبو بصيرٍ في ذلكَ، فقال_عَلَيْهِ السَّلَامُ_: ما بخلنا عليكَ يا أبا ‏بصير، ‌‏‌‏وإنْ كانَ اللهُ تعالى ما ظلمَكَ، وإنَّما خارَ لكَ، وخشينا فتنةَ النّاسِ بنا وأنْ يجهلوا فضلَ اللهِ علينا، ‌‏‌‏ويجعلونا أربابًا مِن دونِ اللهِ، ونحنُ لهُ ‏عبيدٌ، لا نستكبرُ عن عبادتِهِ، ولا نسأمُ مِن طاعتِهِ، ونحنُ لهُ ‌‏‌‏مسلمونَ‌‏"‌‏.‏


فلا نستغربنَّ الحديثَ الذي طابقَ قولَهُ تعالى: (اأَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ ‏يَعقِلُونَ إِنْ ‌‏هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلً).‏


فالعبادةُ عمليّةٌ تفاعليّةٌ لا تأتي أُكُلَها إلا أنْ ‏تكونَ تحتَ نورِ اللهِ ورضاهُ، وإلا لكانتْ جوفاءَ ‌‏دونَ معنًى.‏



نصير الحسناوي

الانتماء إلى الأرض والعشق إلى الوطن...التفاصيل
صولة وسط الركام...التفاصيل
أنتولوجيا الإسلام.‏...التفاصيل
ثَقَافَةُ فَقَاْقِيْعُ...التفاصيل
ثقافة التطرف.....التفاصيل
الأدوار المجتمعية في الإعداد لعصر الظهور.‏...التفاصيل
ازدراء الأديان! ‏...التفاصيل